top of page

إنّ الدّين البَهائي دين الهيّ مُستقلّ له أحكامه وشرائعه الّتي جاء حضرة بهاءاللّه بما يتناسب وإحتياجات الزّمان. وبالإضافة إلى الأحكام والتّشريعات الّتي تهدف إلى تعزيز النُمو الرّوحاني والماديّ للإنسان، جاء حضرة بهاءاللّه برؤيةٍ لنظامٍ عالميٍّ جديد مبنيّ على أسس هي من صُلب أحكام الدّين البهائي كوحدة الجنس البشريّ ومساواة الرِّجال والنِّساء وغيره. 

 

نذكر هنا بعضاً من تعاليم حضرة بهاءاللّه الّتي تُلهم الملايين حول العالم للعمل من أجل تحقيق رُؤى حضرة بهاءاللّه الدّاعية الى ترسيخ السلام العالمي.

"أنْتَ الَّذِيْ يَا إلٰهَ الأسْمَاءِ وَفَاطرَ السَّمَاءِ أوْدَعْتَ فِيْ كُلِّ شَيءٍ مِنَ الأشْيَاءِ آثَارَ صُنْعِكَ وَظُهُوْرَاتِ فَضْلكَ وَعِنَايَتِكَ وَشَهِدَ كُلُّ شَيءٍ بِلِسَانِ سِرِّهِ بوَحْدَانيَّتِكَ وفَرْدَانيَّتِكَ وَبِأنَّكَ أنْتَ الله لَا إلٰهَ إلَّا أنْتَ."  حضرة بهاء الله

يقرّ البهائيّون بوحدانيّة الله، وبأنّه فردٌ واحدٌ لا شريك له في ملكه، وخالق كلّ الوجود، وبأنّه متعالٍ عن الإدراك البشريّ ولا يمكن أن يُحيط العقل البشريّ بكُنهه، لذلك فإنّ السّبيل لمعرفة الله وعبادته إنّما يتمّ عبر الرّسل الّذين يقدّمون تعاليم ترشد البشر إلى طريق الارتقاء الرّوحيّ. وعليه فالعبادة موجّهة لله فقط، من خلال الصّلاة والدّعاء والتّأمّل، والعمل بموجب التّعاليم الإلهيّة وسائر العبادات، وذلك بهدف تنقية النّفس وتقوية الصّلة الرّوحيّة، حيث إنّها وسيلة لتغذية الرّوح بالطّاقة الإلهيّة وتنمية الصّفات الحميدة. يشغل الدعاء والمناجاة حيّزَا هامًّا في حياة الفرد البهائي، ويُعتبر ضروريًّا لنموّه وتحوّله روحانيًّا ووسيلة أساسيّة لصقل الصّفات الرّوحيّة الّتي يجب أن تنعكس في حياته ومعاملاته وتفاعله مع الآخرين.

"فَيَليْقُ لِلْعَبْدِ الْدُّعَاءَ وَالاسْتِمْدَادَ مِنَ الله وَالْتَّضَرُّعَ وَالابْتِهَالِ إلَيْهِ. هَذَا شَأْنُ الْعُبُوْدِيَّةِ وَالْرَّبُّ يُقَدِّرُ مَا يَشَاءُ بِحِكْمَتِهِ الْبَالِغَةِ."

وحدانيّة اللّه وعبادته

وحدانية الله
revelation-feature-img.jpg

"سُبحَانَ نفسُهُ مِنْ أن يوصَفَ بِوَصفٍ، وإنّه وَحدُهُ كانَ في علوِّ الإرتِفاعِ وسُمُوِّ الإمتِناع ولَن يَطِر إلى هَوَاءِ قُدسِ عِرفانِهِ أَطيارُ أفئدةِ العالَمْين."

حضرة بهاءاللّه

"يا أهلَ العالم إنّكم أثمارُ شجرةٍ واحدةٍ وأوراقُ غصنٍ واحدٍ اسلُكوا مع بعضِكم بكلّ محبّة واتّحاد ومودّة واتّفاق." حضرة بهاء الله

 

الإيمان بوحدانيّة الله يدعو إلى وحدة العالم الإنسانيّ، حيث إنّ جميع البشر خُلقوا من نفس الخالق، وينتمون إلى عائلة إنسانيّة واحدة، وبالتّالي يجب أن يعامَلوا بالعدل والمحبّة. وقد خُلق الإنسان ليساهم في تحقيق وحدة العالم الانسانيّ كهدفٍ سامٍ يسعى إليه مساهمًا في إشراق الحضارة الإنسانية بقيم المحبّة والتّسامح والاحترام المتبادل ونبذ التّفرقة.

 

وتحقيق الوحدة يتطلّب نبذ التّعصّبات الهادمة للبنيان الإنسانيّ؛ وترسيخ العدالة الّتي تُعتبر حجر الزّاوية في بناء وحدة المجتمع؛ والعمل معًا كأعضاء جسد واحد لخدمة المجتمع بروح الصّدق والمحبّة والتّعاون.

 

"لاحظوا أزهار الحدائق على الرّغم من اختلاف أنواعها وتفاوت ألوانها واختلاف صورها وأشكالها ولكن لأنَّها تسقى من منبع واحد وتنتعش من هبوب ريح واحد وتترعرع من حرارة وضياء شمس واحدة فإنَّ هذا التنوع والاختلاف سبب لازدياد جلال وجمال أزهار الحدائق… أمّا إذا كانت أزهار ورياحين الحديقة وأثمارها وأوراقها وأغصانها من نوع ولون واحد ومن تركيب وترتيب واحد فلا معنى ولا حلاوة له، أمّا إذا اختلفت لوناً وورقاً وزهراً وثمراً، فإنَّ في ذلك زينة وروعة للحديقة وتكون في غاية اللطافة والجمال والأناقة. وكذلك الأمر بالنسبة لتفاوت وتنوع أفكار وأشكال وآراء وطبائع وأخلاق العالم الإنساني فإنْ جاءت في ظل قوة واحدة ونفوذ واحد فإنَّها ستبدو في غاية العظمة والجمال والسمو والكمال." حضرة عبدالبهاء 

وحدة الجنس البشري
one-human-family-feature-img.jpg

وحدة العالم الإنسانيّ

إنّ مفهوم وحدة الجنس البشري يعني بأن كافّة أفراد البشر هم من أصل واحد رغم الإختلاف في لون وشكل الإنسان، ولا يمكن تمييز إنسان عن آخر بسبب لونه أو جنسه أو عرقه أو أصله، فالجميع متساوون في الكرامة الإنسانية. وقد أكّد حضرة بهاءاللّه هذه الحقيقة بقوله:

"يا أبناءَ الإِنسانْ هَل عَرَفتُم لِمَ خَلَقناْكُم مِن تُرابٍ واحدٍ؛ لِئَلّا يَفتَخِرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَد. وتَفَكَّروُا في كُلِّ حِينٍ في خَلقِ أَنفُسِكُم؛ إذًا يَنبَغي كَمَا خَلَقنَاكُم مِن شَيءٍ واحدٍ أَن تَكونوا كَنَفسٍ واحدة، بحيث تَمشُونَ عَلى رِجلٍ وَاحدةٍ، وَتَأكُلُونَ مِنْ فَمٍ وَاحِدٍ، وَتَسكُنُونَ في أَرضٍ وَاحِدَة؛ حتَّى تَظهَرَ مِن كَينوناتِكُم وأَعمَالِكُم وأَفعَالِكُم آياتُ التَّوحيدَ وجَواهرُ التَّجريد."

إنّ الوِحدَة في المَفهُومِ البَهائيّ تعني "الوِحدةُ والإتِّحاد في التَّنَوُع والتَّعَدُد" وهو مَفهوم يختلف عن التّطابُق والتّماثُل. إنّ الوصول الى الوحدة لا يأتي عن طريق إزالة الفروقات، إنّما عن طريق الإدراك المتزايد والإحترام للقيمة الجوهريّة للحضارات ولثقافة كلّ فرد. 

إنَّ التّحرر من التَّعصبات بجميع أنواعها هي من التّعاليم الأساسيّة في الدين البهائي وتشمل التعصبات العرقيّة والإقتصاديّة والإجتماعيّة واللّغويّة، حيث إنّها هادمة للبُنيان الإنسانيّ وتعتبرُ كمرض مزمن تؤدي في النّهاية إلى الدّمار والهلاك. إنّ الأديان السّماويّة كافّة تدعو الى نبذ التّعصب وتنصّ على معاملة البشر بعضهم البعض بالمحبّة والألفة فنحن ننتمي الى جنس واحد وسلالة واحدة مهما اختلفت أشكالنا وألواننا.  وامتيازنا عند االلّه عزّ وجلّ قائم على أساس الأخلاق والفضائل والمعرفة والإجتهاد في خدمة الآخرين وبناء السّلام بين شعوب الأرض وأممها. يتفضل حضرة عبدالبهاء:

التّحرُر من التَّعصُبات

"دقّقوا النّظر تجدوا أنّ اللّه خلق جميع البشر، وهو رؤوف بهم جميعًا، يشملهم برعايته وعنايته. فنحن إذًا عبيد اللّه وينبغي للعبد أن يتابع مولاه بالرّوح والفؤاد. فتضرّعوا وإبتهلوا وتوجّهوا إلى الملكوت الإلهيّ كي تزول هذه الظّلمات وتتجلّى النّورانيّة الحقيقية." (مترجم)

التحرر من التعصبات

المُساواةُ بين الرِّجال والنِّساء

يؤكِّد حضرة بهاءاللّه على ضرورة أن تتمتَّع النِّساء بحقوق وإمتيازات متساوية مع الرِّجال بما في ذلك الفرص التَّعليميّة والإجتماعيّة اللّازمة حيث أنّ قدرات المَرأة العَقليّة مساوية للرَّجل وبإمكانها تحقيق إنتصارات في جميع مجالات الحياة.

"إنّ النّساء عند اللّه حُكمُهُنَّ حُكمُ الرِّجال فالكُلّ خلق اللّه، خَلَقَهُم على صورتِِه ومِثاله أي مَظاهِر أسمائه وصفاته فلا فَرق بينهم وبينهنّ من حيث الرّوحانيات الأقرب فهو الأقرب سواء كان رجالا أو نساء." (مترجم)

يشبِّه حضرة عبدالبهاء العالم الإنسانيّ بطير له جناحان أحدهُما الرّجال والآخر النّساء، وما لم يكن الجناحان قويان تؤيدهما قوّة واحدة فإنّ هذا الطّير لا يمكن أنْ يطير نحو السّماء. ويتفضّل حضرته أيضاً:  

المساواة بين الرجال و النساء
shutterstock_32118094.jpg

جاءت كلّ الدّيانات السّماوية بتعاليم روحية وأخلاقية وبقوانين وأحكام نظّمت تعاملاتنا مع بعضنا البعض كأفراد ومجتمعات وحضارات إلى أن أصبحت هذه القوانين والأحكام شيئا فشيئا متعارف عليها دولياً وعالمياً الى حدّ ما، وصرنا نتوقّعها ونتطلبها في حياتنا اليومية حتى في الدول التي لا يمارس فيها الدين بصورة جديّة حسب الظاهر. الدين البهائي كما هي الحال في الديانات والرسالات التي سبقته في التاريخ، جاء مؤكداً ومعزّزاً لهذه القيم الأخلاقية وأهمية تطبيقها والتمسك بها في كل لحظة في الحياة اليومية أينما كنا.

يحثنا حضرة بهاءاللّه من خلال تعاليمه المباركة على الإلتزام بالعفّة ومكارم الأخلاق والتّمسك بالقيم الأخلاقية في حديثنا وفكرنا وسلوكنا نظراً لأهميتها في الحفاظ على الأفراد وكيان الأسرة والمجتمعات من التفكك والانهيار. 

"يَجِبُ على أهلِ البَهاء في جَميعَ الأحوال أن يَعمَلوا بِما يَليقُ بِمكارِمِ الأَخلاق وأن يَكوُنوا سبَبَاً لإنِتباهِ النُّفوس."

 حضرة بهاء اللّه           

العفّة و مكارم الأخلاق

العفّة ومكارم الأخلاق

9187655-master.jpg

توافق العلم والدِّين

توافق العلم و الدّين

يجب أن يكون العلم والدّين على وفاقٍ تام دون إنفكاك أحدهما عن الآخر. فإذا تجرّد الدِّين عن العِلم يُصبح تقليداً وليس إعتقاداً ولا حقيقة وإذا تجرَّد العِلمُ عن الدِّين، يُصبِحُ العِلمُ أداةً للماديّة البَحتة. ولهذا نرى أنَّ التَّعليم فريضة من فرائض الدّين البهائيّ. لقد خلق اللّه الإنسان لكي يُدرك حقيقة الوُجود ووهبه العَقل والإدراك ليكتشف الحقيقة. ولذلك فان العلم والدّين يجب أن يكونا متوافقين مع ما وهبه الخالق للإنسان .

طبيعة الرّوح الإنسانيّة

الوجود الإنساني مكوَّن من الجَسد والرّوح ويوضِّح حضرة بهاءاللّه العلاقة بينهما حيث تفضّل قائلاً:

"إنّ رُوحَ الإنسان هِيَ الشَّمسُ الَّتي بِهَا يَستَنيرُ جَسَدُه، ومِنهَا يَستمدّ قُوَّتُه."  

يُمكنَ للتَّقدُم البَشَري أن يَتَحقّق من خلال إستخدام قِوى الرّوح. فإنّ الرّوح تَستطيعُ أَن تَكشِف حقائِق الأشياء وتدرك خواصّ الكائنات وتهتدي إلى أسرار الموجودات.

طبيعة الرّوح الإنسانيّة
shutterstock_1046302936.jpg

الأسرة والتّربية

الأسرة نواة المجتمع. فهي توفّر بيئة حيوية لتطوير الخصال والقدرات الممدوحة. من خلال الأداء المتآلف للأسرة، وتقوية أواصر المحبة التي تجمع أعضاءها والحفاظ عليها، تجسّد الأسرة دوما حقيقة أن رفاه الفرد مرتبط ارتباطاً لا ينفصم عن تقدم ورفاه الآخرين.

 

إن دور الأسرة الأساسي هو تربية أطفالٍ يتحملون مسؤولية نموهم الروحي والمساهمة في التقدم الحضاري. يتفضل حضرة عبدالبهاء: "إنه فرض عين على الأب والأم أن يقوما بتعليم وتربية ابنتهما وابنهما بمنتهى الهمّة"، فالآباء والأمهات يتحملون المسؤولية الأولى تجاه تربية أطفالهم وعليهم أن يضعوا هذه الفريضة في الاعتبار دوماً. إلا أن تعليم الأطفال ليس مسؤولية الوالدين فقط، فللمجتمع أيضا دور هام عليه القيام به.

الأسرة و التّربية
bottom of page